جهود علماء الهند لشرح كتب الحديث في القرن الرابع عشر الهجري وأوائل القرن الخامس عشر الهجري



إعداد
سيد محمد عمر فاروق محمد موسى
(Sayyed Mohd. Umar Faruq Mohd. Musa)
الباحث: في الدكتوراه
(قسم اللغة العربية وآدابها)

مقدمة:
       الحقيقة لا تنكر أن الهند قد امتازت بمجهوداتها السعيدة تجاه علم الحديث الشريف في العالم العربي والإسلامي، ووصلت إلى قمة الإعزاز والتقدير في خدمات كتب السنة النبوية، ولها بصمات هامة في التاريخ الإسلامي لا تكاد أن تمحى ولا تنسى.
       لقد أنجبت الهند الإسلامية نوابغ من العلماء والمحدثين والجهابذة في هذا الفن الشريف، الذين جعلوه نصب حياتهم، وشغلوا به وبذلوا حياتهم كلها في نشر السنة النبوية وإحياءها وحفظها وتدوينها، كانت جهود علماء الهند في خدمة كتب الحديث الشريف في العصور المتأخرة معروفة لدى العالم الإسلامي - خاصة في القرن الرابع عشر الهجري وأوائل القرن الخامس عشر الهجري- فلهم مجهودات كثيرة ومساعي كبيرة في خدمته من غير نكير. وكانت بلاد الهند من أخصب البلاد نمواً بالحديث الشريف في القرن الرابع عشر الهجري وأوائل القرن الخامس عشر الهجري. وقد نشأ فيها كثير من المدارس والمعاهد التي تعنى بتدريس الكتب السنة النبوية وغيرها من كتب الحديث. فبرز فيها إلى حيز الوجود كثير من المحدثين والحفاظ الذين يشتغلون بفنون الحديث بين التدريس والبحث والشرح والتأليف. وكان فضل ذلك يرجع إلى جهود الإمام المحدث الكبير الشيخ شاه ولي الله الدهلوي (ت 1176هـ) في إحياء السنة النبوية ونشرها في شبه القارة الهندية.
        لا أستطيع أن أسرد أسماء جميع المحدثين الذين ساهموا في تأليف الشروح والتفاسير لكتب الحديث الشريف في الهند، ولكن حينما نتصفح كتب التاريخ والسير، فنرى أن الذين قاموا بشرح صحيح البخاري عددهم أكثر من ثمانية، والذين قاموا بشرح الصحيح المسلم عددهم أربعة والذين قاموا بشرح جامع الترمذي عددهم ثلاثة والذين قاموا بشرح أبي داؤود عدد خمسة والذين قاموا بشرح مشكوة المصابيح عددهم أكثر من ستة، وكذلك أولئك الذين قاموا بشرح النسائي وسنن لأبن ماجه والشمائل للترمذي وكتاب الآثار للإمام محمد والأربعين للإمام النووي يصل عددهم حوالي عشرين، فلا يمكن استيعاب جميع أسماء المحدثين في هذا المقال الوجيز.
       ولكن سوف أذكر بعض النجوم التي تلألأت أفق العالم العربي والإسلامي، والنوابغ الذين ساهموا مساهمة مميزة في العصر الحديث خاصة القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري، أخص منهم الإمام عبد الحي اللكنوي، العلامة المحدث خليل أحمد سهارنفوري، الشيخ المحدث أنورشاه الكشميري، والمحدث عبد الرحمن المباركفوري، الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي، المحدث الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي والمحدث الكبير حبيب الرحمن الأعظمي، والعلامة نواب صديق حسن خان القنوجي، العلامة الشيخ فخر الحسن بن عبد الرحمن الحنفي الكنكوهي، العلامة الشيخ رشيد أحمد بن هدايت أحمد الكنكوهي، العلامة الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، العلامة الشيخ محمود الحسن بن ذو الفقار علي الحنفي الديوبندي، العلامة الكبير الشيخ خليل أحمد بن مجيد علي السهارنفوري، العلامة المحقق الشيخ شبير أحمد العثماني الديوبندي وعيرهم من العلماء المحدثين بصورة وجيزة.
       والآن أنا سألقى الضوء الوجيز على قبسات حياتهم النيرة وخدماتهم الجليلة في فن الحديث الشريف بحثاً وتأليفاً وشرحاً وتفسيراً.
1-                        الإمام عبد الحي بن عبد الحليم الأنصاري اللكنوي(م 1264-ت 1304هـ):
 صاحب المصنفات الباهرة التي بلغت 120 كتاباً. له شرح على كتاب الموطأ سماه بـ"التعليق الممجد على موطأ الإمام محمد"، وقد طبع الكتاب على الحجر أكثر من مرة في الهند بالخط الفارسي، طبع أولاً في المطبع المصطفائي سنة 1297هـ بلكنو، أي في حياة مؤلفه رحمه الله، ثم أعيد طباعته في نفس المطبعة سنة 1306هـ، ثم طبع في المطبع اليوسفي سنة 1346هـ بلكنو، وطبع أخيراً سنة 1412هـ بدار القلم دمشق بتحقيق الدكتور تقي الدين الندوي. وقد اختار اللكنوي للتعليق والشرح نسخة الإمام محمد لسببين، أولاً: لأن نسخة الإمام يحيى الأندلسي شرحها جمع من المتقدمين والمتأخرين ونسخة الإمام محمد لم يشرحها إلا العلامة بيرى زاده والشيخ علي القاري. وثانياً: نسخة الإمام محمد مرجحة لعدة وجوه لديه. وتميز الكتاب بكثرة الفوائد التي يحتاج إليها العلماء وطلبة العلم من توضيح لمعاني الحديث وحل مشكلاته وذكر مذاهب الأئمة المختلفة مع الإشارة إلى دلائلها والترجيح وضبط الألفاظ الغريبة وأسماء الرجال وترجمة الرواة وما يتعلق بذلك من التوثيق والتضعيف وغير ذلك من الفوائد الجمة. وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله : "إن خلو مكتبة العالم منه حرمان كبير".
2-                        العلامة السيد أبو الطيب صديق حسن خان بن علي الحسيني البخاري القنوجي (ت 1307هـ):
 أمير بهوفال بالهند. له "عون الباري في حل أدلة البخاري" وهو شرح على مختصر البخاري المسمى بـ"التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" للشيخ حسين بن مبارك (أو للشيخ أحمد بن أحمد الشرجي، ت 893هـ)، في مجلدين. وله أيضاً "السراج الوهّاج في كشف مطالب مختصر صحيح مسلم بن الحجاج" للمنذري، والكتاب مطبوع في مجلدين وعدد صفحاته 1409 صفح2ة. طبع المطبع الصديقي ببهوبال سنة 1301هـ، وله "مسك الختام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام" باللغة الفارسية، وهو من أحسن الكتب التي ألفها، كما قال عن نفسه في كتابه "إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين" وهو باللغة الفارسية أيضاً .و"فتح العلام لشرح بلوغ المرام"، طبع المطبعة الميرية ببولاق سنة 1302هـ في مجلد ضخم.
3- العلامة الشيخ رشيد أحمد بن هدايت أحمد الكنكوهي(ت 1323هـ):
ولد الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي سنة 1244هـ ببلدة كنكوه بمديرية سهارنفور بالهند، وتوفي ودفن بها سنة 1323هـ . قرأ على كبار العلماء في عصره ، ومن أشهرهم الشيخ مملوك علي النانوتوي (المتوفى 1267هـ) ، والمفتي صدر الدين آزرده (المتوفى 1285هـ) بدهلي ، والحديث على الشيخ عبد الغني المجددي (المتوفى 1296هـ) حتى برع وفاق أقرانه في المعقول والمنقول من العلوم ، وتصدر للتدريس والإفادة ، فتهافت عليه كبار العلماء بدرسهم في الفقه ، والحديث ، والتفسير، واقتصر في آخر عمره على تدريس الصحاح الستة. ولما كُفَّ بصره، ترك التدريس، وتوسع في الإرشاد، والتحقيق.([1])
أسهم إسهاماً لا يستهان به في ثورة عام 1857م ، وحارب ضد الإنجليز ، إنقاذاً للشعب الهندي والمسلمين من جحيم العبودية. ولما هدأت عاصفة الثورة ، ألقت الحكومة الإنجليزية القبض عليه، و زجّت به في السجن ، إلا أنها لم تنجح في إثبات دعواها ، فاضطرت إلى الإفراج عنه. واتخذ الشيخ في السجن أسوة يوسف عليه السلام ، فاهتدى به عدد كبير من السجناء، وأنابوا إلى الله.
كان شديد الغيرة على الدين، لم يكن مثله في زمانه في الصدق والعفاف، والتفقه، والشهامة ، والإقدام في المخاطر، والصلابة في الدين . وكان آية في التقوى، واتباع السنة، والعمل بالعزيمة، والاستقامة على الشريعة، ورفض البدع ومحدثات الأمور، ومحاربتها بكل طريق، والحرص على نشر السنة لا يقبل تحريفاً، ولا يتحمل منكراً، انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل وتزكية النفوس، وإحياء السنة وإماتة البدع.([2])
شيخ المحدثين في زمانه. جمع تلميذه الشيخ محمد يحيى بن إسماعيل الكاندهلوي (ت 1334هـ) أماليه على صحيح البخاري وجامع الترمذي، ثم رتبها، فظهر منه كتابان عظيمان سماهما "لامع الدراري على جامع البخاري" و"الكوكب الدري على جامع الترمذي". ثم هذبهما وعلق عليهما ونشرهما ابنه المحدث الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي. طبع "لامع الدراري" في ثلاث مجلدات كبار بالهند، ثم طبع في القاهرة في عشرة أجزاء.
4-                        العلامة الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي (ت 1329هـ):
 له "غاية المقصود في حل سنن أبي داود"، وهو شرح كبير ومن أحسن الشروح على سنن أبي داود، وقد احتوى على مباحث الكتاب والمتون والأسانيد وفوائد كثيرة، ولكن لم يتمه ولم يطبع منه إلا الجزء الأول بالهند قديماً، ثم طبع المتبقي إلى بداية كتاب الصلاة في ثلاث مجلدات، وتوجد منه النسخة الخطية في مكتبة خدابخش بمدينة بتنة بالهند. ثم اختصره تلميذه الشيخ أبو عبد الرحمن شرف الحق الشهير بمحمد أشرف العظيم آبادي وسماه : "عون المعبود شرح سنن أبي داود"، وكان الشيخ محمد أشرف لخصه تحت إشراف الشيخ أبي الطيب، طبع في الهند سنة 1322هـ في أربعة مجلدات كبيرة، وهو أكثرهما تداولاً بين الناس الآن. وللشيخ أبي الطيب شمس الحق أيضاً "التعليق المغني على سنن الدارقطني"، و"فضل الباري شرح ثلاثيات البخاري" و"النجم الوهّاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج" و"هدية اللوذعي بنكات الترمذي" و"تعليقات على سنن النسائي"، وهذا الكتاب الأخير مفقود.
5-                        العلامة الكبير الشيخ خليل أحمد بن مجيد علي السهارنفوري (ت 1346هـ):
 له "بذل المجهود في حل سنن أبي داود"، وهو سفر ضخم وشرح واف لسنن أبي داود، يتضمن بحوثاً قيمة في علم الحديث وشرحه والكلام على الرواة، مع الاهتمام بأقوال الإمام أبي داود وكلامه فيهم، واهتم المؤلف أيضاً بتخريج التعليقات والفحص عنها في كتب أخرى، وتطبيق الروايات بالترجمة، كما أنه حكم فيما اختلف الشراح وتكلم فيه بكلام فصل من غير تردد. وقد علق على الكتاب بفوائد مهمة تلميذه الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، ونشرت هذه التعليقات على الهوامش. وطبع الكتاب أولاً بمطبعة ندوة العلماء بالهند سنة 1972م في 5 مجلدات كبار، ثم أعيد طبعه بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1393هـ/1973م في 20 مجلداً مع التعليقات.
6-                        محدث الهند الإمام محمد أنور بن معظم شاه الكشميري الحنفي (م 1292-ت 1352هـ):
 من كبار العلماء في دار العلوم بديوبند، ومؤسس الجامعة الإسلامية والمجلس العلمي بداهبيل في مقاطعة كجرات. له "فيض الباري بشرح صحيح البخاري"، في أربعة مجلدات كبار، ونشر تحت إشراف المجلس العلمي بدابهيل بالهند سنة 1357هـ، وهو من أماليه التي جمعها تلميذه الشيخ الجليل بدر عالم الميرتهي (ت 1385هـ) وكتب عليه "حاشية البدر الساري إلى فيض الباري"، وهناك أمالي أخرى غير "فيض الباري" المسماة بـ"أنوار الباري في شرح صحيح البخاري" جمعها الشيخ أحمد رضا البجنوري. وله "العرف الشذى على جامع الترمذي" في 488 صفحة، جمعه أحد تلاميذه الشيخ محمد جراغ/شراغ (ت 1390هـ) من أماليه أيضاً، وله أيضاً "أمالي على سنن أبي داود"، طبع منه جزء واحد، و"أمالي على صحيح مسلم"، قيدها تلميذه الشيخ مناظر أحسن الكيلاني.
7-                        العلامة الشيخ أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري (ت 1353هـ):
 له "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي"، وهو أكثر شروح الترمذي متداولاً بين الناس بعد "عارضة الأحوذي" للقاضي ابن العربي المالكي.
8-                        الشيخ صفي الرحمن المباركفوري:
 صاحب "الرحيق المختوم"، له "منة المنعم في شرح صحيح مسلم"، أو "الابتهاج في شرح مسلم بن الحجاج". وله "إتحاف الكرام تعليق على بلوغ المرام"، طبع في المطبعة السلفية في بنارس في الهند الطبعة الأولى سنة 1403هـ في مجلد، كما نشرته دار السلام في الرياض سنة 1412هـ .
9-                        العلامة المحقق الشيخ شبير أحمد العثماني الديوبندي (ت 1369هـ):
هو العلامة شبر أحمد العثماني ابن الشيخ فضل الرحمن العثماني الديوبندي ولد عام 1305هـ / 1887م ، والتحق بالروضة في 7 من عمره. وتخرج من جامعة ديوبند عام 1325هـ / 1907م. وكان من أبرز تلاميذه العلامة شيخ الهند محمود حسن الديوبندي. درّس أولاً في المدرسة العالية فتح بوري بدهلي، ثم عين أستاذاً بجامعة ديوبند عام 1328هـ / 1910م. وكان تدريسه لصحيح مسلم معروفا ومقبولاً في أوساط العلماء والتلاميذ.
وفي عام 1352هـ / 1933م عين شيخ الحديث بالجامعة الإسلامية تعليم الدين بمدينة دابهيل بغوجرات ، وعلى إلحاح من الشيخ أشرف علي التهانوي وغيره من المشايخ الكبار تولّى منصب الرئيس العام للجامعة الإسلامية دار العلوم / ديوبند عام 1362هـ / 1944م، إلى جانب توليه شياخة الحديث في جامعة دابهيل. ([3])
كان العلامة شبير أحمد العثماني أحد الخطباء المصاقع والأدباء المترسلين المبرزين باللغة الأردية، ألّف عدداً من الكتب تنمّ عن عميق علمه ، وسعة اطلاعه، و طول باعه في العلوم الإسلامية إلى جانب تحركاته و نشاطاته السياسية وبلائه الحسن في تحرير البلاد.
وتولّى منصب عضو بارز في حركة الخلافة عام 1333هـ / 1914م . وكان من كبار قادة جمعية علماء الهند، ورأسها لمدة ، انضمّ عام 1365هـ / 1946م إلى العصبة الإسلاميّة . وقبل تقسيم الهند بعام واحد، وفي عام 1366هـ / 1947م انتقل إلى باكستان، واحتفي فيها احتفاءً كبيراً، وعرف بشيخ الإسلام وعين عضواً في لجنة وضع الدستور ورئيساً للجنة أيضاً.
وله حواش وتعليقات مفيدة جدّاً على ترجمة أردية للقرآن الكريم للعلامة محمود حسن الديوبندي، وقد قام بطبعها وتوزيعها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة منذ سنوات، بكميات كبيرة.
توفي رحمه الله في 21/ صفر 1369هـ الموافق 13/ ديسمبر 1949م بمديرية بهاول بور بباكستان ودفن بكراتشي.
 له "فتح الملهم لشرح صحيح مسلم"، ولكن وافته المنية قبل أن يكمله، وطبع منه 3 أجزاء كبار، بلغ فيه إلى كتاب النكاح، ثم أتمه حفيده الشيخ محمد تقي بن محمد شفيع الحنفي العثماني الديوبندي. قال العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري في وصفه : "..وبعد المقدمة البالغة مائة صفحة، يلقي الباحث شرح مقدمة صحيح مسلم شرحاً ينشرح له صدر الفاحص، حيث لم يدع الشارح الجهبذ موضع إشكال منها أصلاً، بل أبان ما لها وما عليها بكل إنصاف، ثم شرح الأحاديث في الأبواب بغاية من الاتزان، فلم يترك بحثاً فقهياً من غير تمحيصه، بل سرد أدلة المذاهب في المسائل وقارن بينها، وقوى القوي ووهن الواهي بكل نصفة، وكذلك لم يمهل الشارح المفضال أمراً يتعلق بالحديث في الأبواب كلها، بل وفاه حقه من التحقيق والتوضيح".ا.هـ وللشيخ شبير أحمد أيضاً "فضل الباري على صحيح البخاري"، وهو شرح وجيز.
10-                 العلامة الشيخ محمد إدريس بن محمد إسماعيل الكاندهلوي (ت 1394هـ/1974م بلاهور):
 له "التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح" للخطيب التبريزي، طبع حديثاً في 7 أجزاء بدار إحياء التراث العربي ببيروت سنة 2004م باعتناء الشيخ محمد عوض مرعب، وله أيضاً "تحفة القاري بحل مشكلات البخاري"، في 20 جزء، طبع منه الثلاثة الأول والجزء الأخير، ومخطوطة البقية محفوظة.
11-                 الشيخ إقبال أحمد العمري (ت 1978م):
 له "سبحة الباري في درر صحيح البخاري"، وهو مخطوط، وهذا الكتاب عبارة عن المعجم للألفاظ الواردة في صحيح البخاري مع شرحها.
12-                 شيخ الحديث بالهند مولانا الشيخ محمد زكريا بن محمد يحيى الكاندهلوي، ثم المدني (ت 1402هـ):
 نزيل المدينة المنورة ودفين البقيع الغرقد، له "أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك" في 15 مجلداً، وشرح على الشمائل المحمدية للترمذي باللغة الأردية سماه "خصائل نبوي شرح شمائل ترمذي"، ترجمه إلى الإنجليزية الأستاذ محمد عبد الرحمن إبراهيم.
13-                 الشيخ محمد على جان باز، له "إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه:
 وهو من أحدث شروح السنن، طبع عام 1421هـ، وقد شرح المؤلف أحاديث السنن فيه بإسهاب مع تخريج الأحاديث وتراجم الرواة وتحقيق الأقوال. وقد طبع منه مجلدان حتى الآن، والبقية تتبعها، إن شاء الله تعالى.
14-                  العلامة الشيخ محمد حسن بن ظهور الحسن الحنفي السنبهلي (ت 1305هـ): له "حاشية تنسيق النظام على مسند الإمام أبي حنيفة".
15-                  العلامة الشيخ فخر الحسن بن عبد الرحمن الحنفي الكنكوهي (ت 1315هـ): له "التعليق المحمود على سنن أبي داود"، طبع بالهند، و"حاشية مختصرة على سنن ابن ماجه".
16-                  الشيخ حافظ أبو الحسن السيالكوتي (ت 1325هـ): له "فيض الباري ترجمة وشرح صحيح البخاري"، وهو كامل في 30 جزء باللغة الأردية.
17-                  الشيخ الحافظ عبد الله بن عبد الرحيم الغازيفوري (ت 1337هـ): له "البحر الموّاج في شرح مقدمة الصحيح لمسلم بن الحجاج"، وتوجد منه نسخة خطية بمكتبة خدابخش في بتنه بالهند وتقع في 47 صفحة.
18-                  الشيخ أحمد بن حسن الدهلوي (ت 1338هـ): له "حاشية على بلوغ المرام" طبعت سنة 1325هـ على الحجر في الهند، ثم قام المكتب الإسلامي بطبعها ثانية سنة 1394هـ في مجلد .
19-                  العلامة الشيخ محمود الحسن بن ذو الفقار علي الحنفي الديوبندي المعروف بشيخ الهند (ت 1339هـ):
هو الشيخ العلاّمة محمود حسن الديوبندي ابن الشيخ العالم الأديب شاعر العربية ذو الفقار علي الديوبندي المتوفى 1322هـ الموافق 1904م . تخرج عليه كبار العلماء في الهند ، ولد عام 1268هـ الموافق 1851م ، وكان على رأس الدفعة الأولى من الطلاب التي التحقت بالجامعة الإسلامية دار العلوم / ديوبند ؛ حيث كان لدى تأسيسها يوم الخميس 15/ محرم 1283هـ الموافق 30/ مايو 1866/ يجتاز المراحل الثانوية من تعليمه ؛ فالتحق بها وتخرّج منها عام 1290هـ الموافق 1873م. و وُلّي التدريس بالجامعة عام 1291هـ / 1874م، ثم مُنِح الترقية وبات رئيس هيئة التدريس بها عام 1308هـ / 1890م.
كان آية باهرة في علوم الهمة وبعد النظر ، والأخذ بالعزيمة ، وحب الجهاد في سبيل الله ، شديد البغض لأعداء الإسلام ، كثير التواضع ، دائم الابتهال ، ثابت الجأش ، جيد المشاركة في جميع العلوم العقلية والنقلية ، ومطلعًا على التاريخ ، كثير المحفوظ للشعر ، كثير الأدب مع المحدثين والأئمة المجتهدين ، تلوح على محياه أمارات التواضع والحلم ، وتشرق أنوار العبادة والمجاهدة في وقار وهيبة.
وكان أعلم العلماء في العلوم النافعة وأحسن المتأخرين ملكة في الفقه وأصوله وأعرفهم بنصوصه وقواعده.
وضع خطة محكمة لتحرير الهند من مخالب الاستعمار الإنجليزيّ عام 1323هـ / 1905م، وكان يودّ أن يستعين فيها بالحكومة الأفغانية والخلافة العثمانية . وقد هيّأ لذلك جماعة من تلاميذه تمتاز بالإيمان القوي ، والطموح ، والثقة بالنفس ، والتوكل على الله، والحزم وثقوب النظر. وكان من بينها الشيخ عبيد الله السنديّ (المتوفى 1363هـ / 1944م) والشيخ محمد ميان منصور الأنصاري (المتوفى 1365هـ / 1946م) ، وكان الاتصال يتم بينه وبين تلاميذه وأصحابه المناضلين عن طريق الرسائل التي كانت تُكْتَب على الحرير الأصفر ، ومن هنا عُرِفَ نضاله ضدّ الاستعمار بحركة الرسائل الحريرية . ولتنفيذ خطته سافر رغم كبر سنه إلى الحجاز عام 1333هـ / 1915م , وقابل في المدينة المنورة كبار المسؤولين عن الخلافة العثمانية ؛ ولكن من سوء الحظّ اطلعت حكومة الاستعمار الإنجليلزي على الرسائل الحريرية عام 1334هـ / 1916م، وألقت عليه القبض عن طريق الشريف حسين أمير مكة – الذي كان قد خرج على الدولة العثمانية – في صفر 1335هـ / نوفمبر 1916م ومعه عدد من تلاميذه وأصحابه ، من بينهم الشيخ السيد حسين أحمد المدني المتوفى 1377هـ / 1957م، وسُفِّروا إلى جزيرة مالطه وسُجِنُوا بها؛ حيث لبثوا فيها نحو 3 سنوات وشهرين تقريبًا ، وأطلق سراحهم في جمادى الأخرى 1338هـ / يناير 1920م، و وصل الشيخ الهند يوم 20/ رمضان 1338 هـ الموافق 9/ مايو 1920م وتلقّاه الناس بحفاوة غير عاديّة ، وغلب عليه لقب شيخ الهند واستُقْبل في كل مكان استقبالاً لم يعهد الناس مثله .
ورغم كبر سنه وضعفه ومرضه وكونه مُحَطَّمًا لطول الأسر في الغربة ، لم ير أن يستجم في وطنه ديوبند ، وإنما ظل يزور ويجول في أرجاء البلاد يدعو الشعب إلى النضال ضد الإنجليز ومقاطعتهم ، من خلال خطبه ومحاضراته . وفي هذه الحالة سافر إلى عليجراه و وضع حجر الأساس للجامعة الملية الإسلامية يوم 29/ أكتوبر 1920م (16 صفر 1339هـ) وقد انتقلت فيما بعد إلى دهلي.
ثم اشتد به المرض والضنى حتى استأثرت به رحمة الله تعالى في صباح يوم 18/ ربيع الأول 1339هـ الموافق 30/ نوفمبر 1920م ؛ وذلك في دهلي حيث كان يتلقى العلاج. ونقل جثمانه في اليوم التالي إلى ديوبند، ودفن بجوار أستاذه العظيم الإمام محمد قاسم النانوتوي المتوفى 1297/ 1880م في المقبرة الجامعية التي عرفت بـ المقبرة القاسمية . ورحل الإمام ، وبكت أعين الناس على فراقه ، وكانت جنازته جنازة عظيمة المشهد .
وقد تشرف رحمه الله بنقل ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية وهي من أحسن التراجم الأردية وأكثرها قبولاً وَرواجاً، وأضاف إليه تلميذه العلامة شبيّر أحمد العثماني المتوفى 1369هـ 1989م تعليقات مفيدة عُرِفتْ بـ التفسير العثماني . وقد قام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بطباعة هذه الترجمة مع التفسير عام 1409هـ الموافق 1989م بعدد مئات الآلاف وتوزيعها على المسلمين في العالم أجمع .
 له "تعليقات على سنن أبي داود" و"تقرير على سنن الترمذي"، رتبه أحد تلاميذه.
20-                  الشيخ أبو العتيق عبد الهادي النجيب آبادي:
 من تلاميذ الإمام الكشميري، له "أنوار المحمود على سنن أبي داود". والكتاب التقاط من أمالي شيخ الهند مولانا محمود الحسن الديوبندي وأمالي الإمام الكشميري وضم إليها فوائد اقتبسها من "بذل المجهود" لمولانا الشيخ خليل أحمد السهارنفوري ومن درس العلامة شبير أحمد العثماني لكتاب صحيح مسلم، ولكن قال فيه الدكتور تقي الدين الندوي: "وفيه أخطاء كثيرة".
21-                  الشيخ محمد بن عبد الله العلوي المعروف بجيون بن نور الدين الهزاروي (ت 1366هـ): له "عون الودود في شرح سنن أبي داود"، طبع بلكهنؤ سنة 1318هـ في مجلدين، و"مفتاح الحاجة شرح سنن ابن ماجه".
22-                  الشيخ المحدث محمد أبو القاسم البنارسي (ت 1369هـ): له "الكوثر الجاري في حل مشكلات البخاري".
23-                  العلامة الشيخ إشفاق الرحمن الكاندهلوي (ت 1377هـ): له حواشي آتية : "حاشية على سنن أبي داود" و"الطيب الشذى على جامع الترمذي" و"حاشية على سنن النسائي" و"كشف المغطّى حاشية على الموطأ".
24-                  العلامة الشيخ حسين أحمد المدني (ت 1377هـ):
هو الشيخ الكبير ، والعالم الجليل ، المحدث النحرير ، البطل الجرئ السيد حسين أحمد المدني، ابن حبيب الله المعروف في ديار الهند بشيخ الإسلام.
أصله من مدرية فيض آباد بولاية يو،بي (الهند). وُلِدَ سنة 1296هـ ببلدة باكرمئو بمديرية أناؤ بأترابراديش ، وتوفي سنة 1377هـ بمدينة ديوبند ودفن بها.
تلقى مبادئ العلوم في بلدة تاندة بمديرية فيض آباد ثم التحق بجامعة ديوبند الإسلامية ، وتعلم على أساتذتها البارعين ، أمثال الشيخ الأديب ذوالفقار علي الديوبندي، والشيخ المحدث خليل أحمد السهارنفوري، والشيخ المفتي عزيز الرحمن الديوبندي، وأخذ الفقه والحديث عن الشيخ العلامة محمود حسن الديوبندي، ولازمه مدة طويلة إلى أن تخرج في الجامعة.
هاجر مع أسرته إلى الحجاز سنة 1316هـ ، وأقام بالمدينة المنورة يدرّسُ في المسجد النبوي الشريف إلى أن عاد إلى الهند عام 1333هـ وقد أسر الشريف حسين أمير مكة الشيخ محمود حسن وأصحابه ومنهم الشيخ ؛ في مكة المكرمة، على إيعاز من الحكومة الهندية الإنجليزية ، حين سافروا إليها للحج، وأسلمهم إليها، فنقلتهم إلى مصر، ثم إلى مالطة حيث مكث سجيناً نحو ثلاث سنوات. ولما حمي وطيس حركة تحرير البلاد ، خاضه بقوة و ثبات. وألقى خطباً مثيرة حماسية ضد الاستعمار ، يجول في البلاد والأمصار، فحُبِس مراراً.
وبالرغم من هذه الخدمات الوطنية والسياسية ، اعتزل الشيخ بعد الاستقلال ولم يأخذ منصباً ، ولا وظيفة في الحكومة ، وعكف على الدروس ، والدعوة إلى الله ، وقد أنعم عليه رئيس الجمهورية بلقب فخري يسمى ببدم بهوشن فرفضه قائلاً : إنه لا ينسجم معه ، لأن الشيخ – رحمه الله – يسير على طريقة أسلافه.
كان رحمه الله عالماً ربانياً، محدثاً جليلاً، زعيماً بارزاً، جامعاً لمحاسن الإنسانية ومزاياها، تتمثل في حياته النموذجية حياة الصحابة رضي الله عنهم. وكان قليل التصنيف لأجل نشاطاته الساسية ، والدعوية ، والتدريسية. له نقش حياة ، والشهاب الثاقب: وجمع بعض تلاميذه دروسه لسنن الترمذي، وهي مطبوعة لم تتم. له "شرح على جامع الترمذي".
25-                  العلامة المفتي الشيخ عبد اللطيف بن إسحاق الحنفي السنبهلي (ت 1379هـ: له "شرح اللطيف، شرح على جامع الترمذي" في عدة مجلدات كبار، لم يطبع.
26-                  الشيخ أبو سعيد شرف الدين الدهلوي (1381هـ): له "شرح سنن ابن ماجه"، وهو مخطوط، شرح بعض الأبواب منه.
27-                  العلامة الداعية الشيخ محمد يوسف بن الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي (ت 1384هـ):
 صاحب "حياة الصحابة" وأمير جماعة الدعوة والتبليغ الثاني بعد والده، له "أماني الأحبار في شرح معاني الآثار" للطحاوي.
28-                  الشيخ عبد الستار بن عبد الوهاب الدهلوي (ت 1386ه/ 1966م)
له "نصرة الباري شرح صحيح البخاري" وقد أنجز الجزء الأكبر منه، ثم توفي ولم يتمه، فأتمه بعد ذلك الشيخ كرم الجليلي.
29-                  الشيخ خير محمد بن إلهي بخش الجالندهري (ت 1390هـ): له شرح مختصر لصحيح البخاري.
30-                  الشيخ المفتي أحمد يار خان نعيمي (ت1391هـ): له "نعيم الباري في انشراح صحيح البخاري".
31-                  الشيخ فضل الله الحيدر آبادي (ت 1399هـ): له "فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد" للإمام البخاري، طبع بالمطبعة السلفية بالقاهرة سنة 1378هـ.
32-                  الشيخ عبد الجليل السامرودي (ت 1973م): له تعليقات آتية : "التعليق على صحيح مسلم" و"التعليق على سنن أبي داود" و"التعليق على سنن النسائي" و"التعليق على سنن الدارمي".
33-                  المفتي الشيخ محمد عاشق إلهي البرني الميرتهي، ثم المدني: له كتب صنفها منذ عنفوان شبابه، وهو حافظ للكتاب والسنة، ذو اشتغال كبير بمتون الحديث وشروحه. له "مجاني الآثار شرح معاني الآثار" للطحاوي.
خاتـمة:
هذا هو ما وقفت عليه من شروح كتب الحديث لعلماء الهند في القرن الرابع عشر الهجري وأوائل هذا القرن. ولا شك أن الهند قد انجبت العلماء المحدثين الذين يشار إليهم بالبنان واعترف بفضلهم العلماء في العالم الإسلامي كله، مثل العلامة الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة المنار لما زار الهند حيث قال ما ملخصه:"لولا اهتمام العلماء الهنود آنذاك تجاه علم الحديث الشريف لا ندرس هذا العلم من البلاد الشرقية، فإن هذا العلم لقد كان بلغ الذروة العليا من الضعف والوهن في مصر والشام والعراق والججاز خلال القرن العاشر الهجري والقرن الرابع عشر الهجري.."
وعلى هذا أختتم كلامي ، وأخيراً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم هؤلاء العلماء والمحدثين جميعاً رحمة واسعةً، وأسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين.    
                                               
المراجع والمصادر:
1-           نزهة الخواطر بهجة المسامع والنواظر، مولانا حكيم عبد الحي،
2-           الثقافة الإسلامية في الهند، مولانا سيد عبد الحي لكنوي، مجموعة اللغة العربية بدمشق.
3-           تطور علم الحديث في الهند، دكتورة خالدة ريحانة، عكاظ كتاب كهر حيدرآباد.
4-           تذكرة علماء الهند
5-           المسلمون في الهند، أبو  الحسن على الندوي
6-           مقدمة مفتاح كنوز السنة، طبع مصر


[1] ) نزهة الخواطر، طبع لكناؤ ، 1993م، ج:8، ص: 550-551 
[2] ) تاريخ جامعة ديوبند (بالأردية) ج:2، ص:171 -177
[3] ) تاريخ دار العلوم ديوبند، ج:2، ص:98-102